يُعتبر الشاي الأخضر من أشهر المشروبات في العالم، لا بسبب طعمه المميز فحسب، بل بسبب فوائده الصحية المتعددة التي تم التحقق منها في العديد من الدراسات العلمية. منذ آلاف السنين، استخدم في الطب التقليدي في الصين واليابان لعلاج كل شيء من الصداع إلى مشاكل الهضم. لكن ما يجعل الشاي الأخضر فريدًا من نوعه هو احتواؤه على مركب قوي يُدعى EGCG (Epigallocatechin gallate)، وهو أحد مضادات الأكسدة القوية التي تلعب دورًا مهمًا في دعم الصحة العامة، تحسين التمثيل الغذائي، والحماية من بعض الأمراض المزمنة.
![]() |
الشاي الأخضر ومادة EGCG |
ما هو الشاي الأخضر؟
الشاي الأخضر هو نوع من أنواع الشاي يُحضّر من أوراق نبات Camellia sinensis، لكنه يختلف عن الشاي الأسود والأولونغ في طريقة معالجته. لا يتم تخمير أوراق الشاي الأخضر، بل تُجفف وتُعرّض للبخار أو التحميص الخفيف بعد القطف مباشرة، مما يحافظ على نسبة عالية من المركبات النباتية المفيدة، وخصوصًا البوليفينولات ومضادات الأكسدة.
ما هي مادة EGCG؟
مادة Epigallocatechin gallate أو EGCG هي نوع من الكاتيشين (Catechins)، وهي مركبات نباتية تنتمي لعائلة البوليفينولات، وتُعرف بخصائصها المضادة للأكسدة والالتهاب. تُعد EGCG أكثر أنواع الكاتيشين وفرة وفعالية في الشاي الأخضر، وهي المسؤولة عن العديد من فوائده الصحية.
يعتقد العلماء أن EGCG تلعب دورًا في مكافحة الجذور الحرة في الجسم، وهي جزيئات غير مستقرة قد تتسبب في تلف الخلايا والأنسجة وتسريع الشيخوخة وظهور الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والسكري.
الفوائد الصحية للشاي الأخضر ومادة EGCG
1. تحفيز حرق الدهون وتعزيز فقدان الوزن
من أبرز فوائد الشاي الأخضر، خاصة لممارسي الرياضة والأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية، دوره في تسريع معدل الأيض (Metabolism). أظهرت دراسات عديدة أن EGCG تساعد في تحفيز عملية أكسدة الدهون، خصوصًا أثناء التمارين الرياضية.
وفقًا لدراسة نشرتها "American Journal of Clinical Nutrition"، فإن تناول مستخلص الشاي الأخضر الذي يحتوي على EGCG أدى إلى زيادة معدل حرق السعرات الحرارية بنسبة 4% خلال 24 ساعة. قد لا يبدو الرقم كبيرًا، لكن عند الاستمرار في استهلاكه يوميًا، تصبح النتيجة ملحوظة مع الوقت.
2. مضاد قوي للأكسدة
EGCG هي من أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية، وتساعد في:
مكافحة الإجهاد التأكسدي.
تقليل تلف الخلايا الناتج عن الجذور الحرة.
دعم وظائف الكبد.
تقوية الجهاز المناعي.
هذا التأثير يساهم في الوقاية من الأمراض المزمنة، مثل السرطان وأمراض القلب ومرض الزهايمر.
3. دعم صحة القلب والأوعية الدموية
تناول الشاي الأخضر بانتظام قد يساهم في:
خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL).
تحسين تدفق الدم.
تقليل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
![]() |
دعم صحة القلب والأوعية الدموية |
تشير دراسة نشرت في "Journal of the American Medical Association" إلى أن الأشخاص الذين يشربون الشاي الأخضر بكثرة تقل لديهم احتمالات الوفاة من أمراض القلب بنسبة تصل إلى 26%.
4. الوقاية من السرطان
يُعتقد أن EGCG يمتلك خصائص مضادة لتكوّن الخلايا السرطانية، حيث يعيق نموها ويمنع انتشارها في الجسم. وقد أظهرت تجارب مخبرية أن EGCG يثبط نمو بعض أنواع السرطان، مثل:
سرطان البروستاتا.
سرطان الثدي.
سرطان القولون.
سرطان الرئة.
مع ذلك، يجب التأكيد أن EGCG ليست علاجًا مباشرًا للسرطان، لكنها قد تلعب دورًا وقائيًا عند استهلاكها ضمن نظام غذائي صحي ومتوازن.
5. تحسين وظائف الدماغ
يساهم EGCG في دعم صحة الدماغ عبر:
حماية الخلايا العصبية من التلف.
تحسين الذاكرة والانتباه.
تعزيز نشاط الدماغ في المهام الذهنية المعقدة.
كما يُعتقد أن EGCG قد يساعد في تأخير تطور الأمراض العصبية مثل الزهايمر والشلل الرعاشي (باركنسون).
6. مضاد طبيعي للالتهابات
الالتهاب المزمن يُعد سببًا رئيسيًا للعديد من الأمراض، مثل السمنة والسكري وأمراض القلب. EGCG يتميز بخصائصه المضادة للالتهاب، ويقلل من مستويات المؤشرات الالتهابية في الجسم مثل CRP وTNF-alpha.
![]() |
الشاي الاخضر مضاد طبيعي للالتهابات |
7. تحسين حساسية الإنسولين وتنظيم مستويات السكر في الدم
تشير أبحاث إلى أن الشاي الأخضر قد يُحسّن من حساسية الجسم للإنسولين، ويساعد في تقليل مستويات السكر في الدم، خاصة بعد تناول الطعام. لذلك، قد يكون له دور داعم في الوقاية من داء السكري من النوع 2.
8. الحماية من الشيخوخة المبكرة
مضادات الأكسدة مثل EGCG تحمي خلايا الجلد والأنسجة من التلف، مما يساهم في:
تقليل التجاعيد والخطوط الدقيقة.
تحسين مرونة الجلد.
مقاومة التصبغات الناتجة عن أشعة الشمس.
وقد بدأت العديد من شركات العناية بالبشرة بإدخال EGCG في منتجاتها لمكافحة الشيخوخة.
الجرعة المناسبة ومصادر EGCG
1. كمية EGCG في كوب الشاي الأخضر
يحتوي كوب واحد من الشاي الأخضر (حوالي 250 مل) على ما بين 50 إلى 100 ملغ من EGCG، اعتمادًا على نوع الشاي ومدة التخمير. وتزداد الكمية عند استخدام مستخلصات مركزة.
2. الجرعة الآمنة يوميًا
توصي الدراسات العلمية بتناول EGCG ضمن النطاق الآمن الذي يتراوح من 200 إلى 400 ملغ يوميًا، وهو ما يعادل 3–5 أكواب من الشاي الأخضر. ومع ذلك، قد تسبب الجرعات العالية في شكل مكملات غذائية بعض الآثار الجانبية في الكبد لدى بعض الأشخاص، خاصة عند تجاوز 800 ملغ يوميًا.
هل هناك آثار جانبية للشاي الأخضر أو EGCG؟
بالرغم من فوائد الشاي الأخضر، إلا أن الإفراط في تناوله أو تناول مكملات EGCG بجرعات كبيرة قد يؤدي إلى بعض الآثار الجانبية، مثل:
اضطرابات المعدة.
زيادة في ضربات القلب.
الأرق بسبب الكافيين.
مشاكل في الكبد (نادرًا وعند تناول المكملات فقط).
لذلك، يُفضل دائمًا استشارة الطبيب قبل تناول مكملات الشاي الأخضر خاصة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة.
الفرق بين شرب الشاي الأخضر وتناول المكملات
المعيار الشاي الأخضر مكملات EGCG
التركيز منخفض إلى معتدل مرتفع جدًا
الامتصاص طبيعي وتدريجي سريع وقوي
الأمان آمن في الغالب يتطلب مراقبة
الفوائد شاملة بفضل مكونات متعددة مركزة على EGCG
كيف يمكن دمج الشاي الأخضر في النظام اليومي؟
شرب 3 إلى 4 أكواب يوميًا بين الوجبات.
يمكن تناوله ساخنًا أو باردًا.
إضافته إلى العصائر الخضراء أو السموثي.
استخدام مستخلصه في بعض وصفات الطهي أو المكملات الغذائية.
خلاصة
يُعد الشاي الأخضر من أفضل المشروبات الصحية الطبيعية التي يمكن دمجها بسهولة في نمط الحياة اليومي. وبفضل مركب EGCG الفعّال، يُمكن أن يلعب دورًا هامًا في دعم الصحة العامة، الوقاية من الأمراض، وتحسين اللياقة البدنية والعقلية. مع ذلك، من المهم تناوله باعتدال وعدم الاعتماد عليه كعلاج منفرد.
في النهاية، الشاي الأخضر ليس مشروبًا فقط، بل هو أسلوب حياة يجمع بين البساطة والطبيعة والفعالية، ومدعومًا بعلم يُثبت جدارته يومًا بعد يوم.